أسئلة شائعة

سنتطرق في هذا الركن للاجابة على أسئلة شائعة وشهيرة يطرحها الكثيرون حول نظرية التطور أغلبها تكون عبارة عن مغالطات وأسئلة ناتجة عن عدم فهم لأساسيات نظرية التطور :

-السؤال (1) :  إن كان الإنسان تطور عن القرد فلماذا لم تتطور جميع القردة؟ لماذا لا تزال موجودة؟

- الجواب : أولا عزيزي القارئ نظرية التطور لا تقول أبدا أن الإنسان تطور عن القردة العليا الموجودة اليوم, فالانسان نفسه ينتمي إلى مجموع أنواع القردة العليا التي تطورت خلال ملايين السنين ونحن تشترك وإياها جميعا في عدة أسلاف مشتركة لم تعد أنواعها موجودة اليوم ! والتي تشترك بدورها في سلف مشترك أقدم بالطبع نوعه غير موجود اليوم أيضا وهكذا... هذه الأسلاف القديمة الغير موجودة اليوم أثبت علم الحفريات بأدلة لا تحصى أنها وجدت في الماضي وتصل أعمارها إلى ملايين السنين, فإن أردنا اختيار مصطلح أدبي مناسب لوصف العلاقة بين الانسان والقردة المعاصرة في شجرة العائلة فيمكننا أن نقول أنهما أبناء عمومة ولم يأتي أحدهما من الآخر.
ثانيا هذا السؤال مغلوط من الأساس لأنه يقوم على عدم فهم لكيفية حدوث التطور ! فالتطور يحدث بسبب طفرات على مستوى DNA  ويقوم الانتخاب الطبيعي بانتقاء الطفرات النافعة للكائن حسب محيطه الذي يعيش فيه, أما الطفرات الضارة فيقوم الانتخاب الطبيعي بتصفيتها. فالطفرات لا تحدث بالضرورة عند جميع أبناء النوع الواحد ! وإنما قد تحدث عند بعض الأفراد ولا تحدث عند آخرين, بل قد تحدث عند فرد واحد فحسب. فلا توجد قاعدة في علم الأحياء تقول أن النوع الفلاني إما أن يتطور جميع أفراده أو لا يتطور ولا واحد منهم ! لا تنسى أن الهجرات سمة بارزة لدى الحيوانات منذ القدم, فالهجرة قد تفرز عزل لنوع معين عن بني جنسه في بيئة مختلفة, فيتطور عبر ملايين السنين في تلائم طردي مع بيئته, وفي النهاية يظهر نوع جديد. بينما يقوم الانتخاب الطبيعي بالحفاظ على الخواص الموجودة لدى المجموعة التي لم تهاجر ببساطة لأن تلك الخواص نافعة لها في محيطها. هذا المقال يوضح هذه الفكرة من خلال مثال 

- السؤال (2) : لماذا لم يتطور الانسان بعد أن صار انسان؟


هذا متوقف على قصدك من السؤال ! فإن كنت تقصد لماذا لم تحدث لديه تغيرات وتنوع جيني فماذا نسمي ما تراه في الصورة التي أمامك؟ 
ناهيك عن وجود تغيرات تطورية غير التغيرات التي تخص الشكل حدثت خلال 5000 سنة لدى الجنس البشري اقرأ هذا المقال http://altatawortheory.blogspot.com/2012/12/blog-post.html
أما إن كنت تقصد لماذا لم تتفرع عن الانسان كائنات جديدة متميزة لدرجة أن لا يمكننا أن نطلق عليها اسم بشر Homo Sapien  ويصير الانسان سلفها المشترك, فهذا مطلب كبير جدا يحتاج ملايين السنين لتحققه. بينما تاريخ الحضارات البشرية مجتمعة لا يتجاوز 6000 سنة وهذه مدة في منتهى التفاهة بالمقارنة مع الحقب التي يحدث فيها التطور الكبير Macro Evolution  مثلما احتاج الانسان ملايين السنين لكي يتفرع عن أسلافه ويصير نوعا جديدا. وإن كانت هناك خطوط تطورية ستتفرع عن الانسان بعد ملايين السنين إن استمرت الحياة على الأرض واستمر الجنس البشري, فهذا سيحدث بشرط أن لا تعيق حياة البشر المعقدة عملية الانتخاب الطبيعي.


تذكر هذه القاعدة الجوهرية المعروفة في علم الأحياء : التطور يشبه عملية صعود الجبل, لا يوجد رجوع إلى الوراء في التطور, وأي صفة جديدة تعيق حياة الكائن الحي مصيرها الاختفاء بسبب فيلتر الانتخاب الطبيعي. على سبيل المثال هناك أشخاص يولدون بذيل, وهو ناتج عن جين معطل لدى أغلب البشر (وهو بالمناسبة دليل من الأدلة الجينية على التطور). لو افترضنا أن كل من تظهر لديه هذه الصفة لن تساعده في الزواج والانجاب (وهذا هو الحاصل) فلن يصير هناك يوما فئة كبيرة من البشر (شعب مثلا) كلهم لديهم ذيل. لأن هذه الصفة غير نافعة للبشر ناهيك عن أنها مشوهة للكائن البشري (حسب طريقة تفكير البشر ونظرتهم للجمال) فبالتالي هذه الصفة تفسد العنصر الجمالي لدى البشر إذا هي صفة ضارة لمن توجد لديه وستخشى النساء من الانجاب من الرجل الذي يحمل هذه الصفة ونفس الموقف سيتخذه الرجال تجاه المرأة الحاملة لهذه الصفة. وبالتالي صفة الذيل في الانسان تتم تصفيتها عن طريق الانتخاب الطبيعي كلما ظهرت. وهذا ما يجعل الجنس البشري يستمر بدون أن يظهر نوع من البشر متميزين بالذيل. (طبق نفس القاعدة على أي صفة أخرى تخطر ببالك)

إذا الخلاصة أن التطور يحدث عن طريق الطفرات التي لا يمكن التحكم في حدوثها, لكن يمكن التحكم في توريثها واستمراريتها عن طريق الانتخاب الطبيعي الذي يخضع لإرادتين : الظروف التي تفرضها الطبيعة + إرادة الكائن الحي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق